مُحرّم شرعاً وممنوع قانوناً... سوريا ومُعضلة التبنّي

الملخص


أسهمت المتغيرات العسكرية والاجتماعية في سوريا، منذ بدء النزاع في عام 2011، في تنامي ظاهرة الأطفال الأيتام ومجهولي النسب أو الأطفال الذين تمّ التخلّي عنهم من قبل ذويهم، حيث تزايدت أعدادهم في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية بشكل أساسي، سواء بسبب الزواج من مقاتلين أجانب لم تحدد هوياتهم بدقة، أو بسبب الزواج من مقاتلين محليين قُتلوا لاحقاً، وتعذر إيجاد وثائقهم أو تسجيل واقعات زواجهم بسبب فقدان الوثائق أو موت الأبوين كليهما، أو لأسباب أخرى خلفتها ظروف النزاع كالنزوح والتشرد وغيرها. وكشف فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، عن وجود نحو مئة وثمانية وتسعين ألف يتيم، من أصل مليون وأربعمئة وخمسين ألف طفل يعيشون في شمال غرب سوريا (محافظة إدلب وريف حلب الغربي وريف حماة الغربي)، بحسب أحدث إحصائية صدرت بتاريخ 28 كانون الأول/ديسمبر من العام 2020. [1] وبحسب “اتحاد رعاية الأيتام” الذي أقام ملتقاه الأول في إسطنبول في 25 أيار/مايو 2016، والذي تمّ بمشاركة 23 منظمة تعنى برعاية الأطفال الأيتام السوريين، فإن عدد الأطفال السوريين الأيتام داخل سوريا وخارجها يبلغ 800 ألف طفل، 90 بالمئة منهم غير مكفولين، مشيرةً إلى أن عدد الأطفال الذين تمت كفالتهم لا يتجاوز 25 ألف طفل فقط، في حين ظل أكثر من 112 ألف طفل بلا كفالة لدى المنظمات المتواجدة في الملتقى فقط. [2] وتصنف الأمم المتحدة الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم والمقيمين مع مقدمي الرعاية من كبار السن أو ذوي الإعاقة، بين الفئات الأشد ضعفًا، التي هي بأمس الحاجة للمساعدة، إذ “قد يواجه الأطفال مخاطر محددة بسبب العمر والنوع الاجتماعي والإعاقة والتصورات الاجتماعية للطفولة“. ويكون الأطفال الذين يعيشون في أماكن مزدحمة، مثل مراكز الإيواء الجماعية ومع الأسر المضيفة، أكثر عرضة للعنف المنزلي، حسبما ذكر تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للحاجات الإنسانية في سوريا عام 2019، الذي أشار إلى أن المحافظات السورية جميعها أبلغت عن انفصال الأطفال عن ذويهم في 46% من الحالات المقيمة في الداخل السوري، نتيجة موت أو اختفاء مقدمي الرعاية، أو التجنيد أو الزواج المبكر. ولكثرة أعداد الأطفال اليتامى ومجهولي النسب في سوريا، وعدم وجود من يعيلهم، وبسبب تحريم التبني في القانون السوري، وكذلك نظرة المجتمع السلبية لهؤلاء الضحايا ولمن يسعى إلى رعايتهم وتبنيهم، حاولت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” اعداد هذه الورقة/التقرير والاستماع لشهادات عائلات قامت بتبني أو كفالة طفل/ة مجهول/ة الأبوين، ذلك بهدف تناول مشكلة الأطفال الأيتام في سوريا، وبالأخص مجهولي النّسب منهم، الناجمة عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات. بالإضافة إلى التحقق من مدى توفر الحماية القانونيّة لهم بموجب القوانين السورية وعلى ضوء الواقع المجتمعي السوري، وكذلك القوانين والأعراف الدولية بهذا الخصوص وصولاً إلى تصوّرات للحلول التي تستهدف تمتّع أولئك الأطفال بالحماية والرّعاية التي يستحقونها بصفتهم بشراً ذو حقوق لا يمكن انكارها وكرامة إنسانية من الواجب احترامها.



سوريون من أجل الحقيقة والعدالة | الناشر: الصندوق الكندي لدعم المبادرات المحلية 381 |
التصنيفات: الحماية الرعاية حقوق الأيتام الانتهاكات


مواد ذات علاقة

عدالة الإسلام في حكم مجهولي النسب

اهتمت الشريعة الإسلامية بمجهول النسب في جميع مراحل حياته، إلا أن اللقيط ظلم من المجتمع ظلماً كثيراً من غير ذنب اقترفه، فاللقيط…

اقرأ المزيد

استراتيجية التشبيك كمدخل لتفعيل دور جمعيات رعاية الطفولة لمواجهة العنف ضد الأطفال في عصر العولمة

أصبح العنف الموجه ضد الأطفال من أبرز المشكلات العالمية التي لا يكاد يخلو منها مجتمع سواء وصف بالتقدم أو بالتخلف، حيث يمارس…

اقرأ المزيد

الدليل الميداني لتنفيذ المبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن تحديد المصالح الفضلى للطفل

تقضي إحدى الأولويات الرئيسة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوفير الحماية لكافة الأطفال المشمولين باختصاصها وتعزيز…

اقرأ المزيد

دور النظم الوطنية في حماية ورعاية حقوق الأيتام

إن حسن تربية وتأديب الأطفال لها العائد الهام على المجتمع، فالأطفال هم رجال المستقبل لذلك يجب حمايتهم حماية كاملة سواء كانت…

اقرأ المزيد